البعث اهل للنهوض بالامة الى بر الامان
د. حسن طوالبه
الظروف الصعبة والقاسية التي تعيشها الامة الان , ورغم كل محاولات الدس والتأمر على البعث منذ سبعة عقود الا انه ما زال الفكرة التي تحتاجها الامة من اجل جمع شمل الامة على طريق الوحدة والتضامن في اقل الاحوال . ومن اجل وأد الفتنة الطائفية والعرقية التي ابتكرتها الحركة الصهيونية ونفذها واججها ملالي طهران واعوانهم في المنطقة العربية .
ما زال البعث بفكره الحي هو المؤهل لانقاذ الامة مما اصابها , وما زال البعثيون هم المؤهلون لادارة دفة الدولة الحديثة القائمة على العدل والمساواة واحترام حقوق الانسان , ولذلك يظل السؤال مطروحا لماذا ظل البعث صامدا قويا في الوطن العربي وفي العراق بخاصة رغم محاولات التطويق والتشويه والتامرالتي يقوم بها اعداء الامة العربية من صهاينة وفرس ؟
. اول اسباب صموده تكمن في فكره القومي المؤمن وفي الرجال الذين حملوا تلك الفكرة وما اتصفوا به من حماس وإيمان وقوة تحمل للصعاب .
وثاني تلك الاسباب تكمن في حيوية فكرته المعبرة عن سر حيوية الامة ذاتها
وثالث تلك الاسباب تكمن في أن البعث وعى وعيا كاملا هويته النضالية التاريخية كونه نتاج هذه الامة . فالامة هي الاصل والبعث هو التعبير الحي والكبير عن ذات الامة وعن حيويتها وطاقاتها الخلاقة . فالبعث منذ ولادته كان فكرة شعبية تعتبر الشعب اساسا واصلا في بناء الامة وفي حمل راية القضية القومية . فهو بالتالي حزب حي ..تاريخي نشأ من الامة وجسد تاريخها وتراثها ومستقبلها .
ورابع تلك الاسباب أنه رفض الجمود والانغلاق بل اصر ان تظل فكرته متجددة في نضاله وتنظيمه لخدمة الامة وضمان مستقبلها ومواكبة مستجدات العصر . وهو ما جسده البعث في العراق خلال ثلاثة عقود ونيف, فظل المدافع عن عروبته وتاريخه وتراثه بوجه الطائفيين الذين عملوا على طمس عروبة العراق لصالح نظرية ولاية الفقيه الايرانية .
وخامس تلك الاسباب أن البعث يؤمن بالتجديد في النضال وفي التنظيم , كما انه يؤمن بالانسانية فلم ينسى هذا السر وهو في اشد الازمات والتحديات فلم يثأر منتقما من العدو المقابل , بل ظلت الانسانية ماثلة في تصرف الاعضاء المنتمين للحزب .
اضطلع البعث منذ البداية بعمل تاريخي عظيم شبهه القائد المؤسس رحمه الله بالبحر المتحرك القادر على قذف الشوائب الى الشاطئ , فالبحر يختلف عن الساقية التي لا تستطيع ان تتخلص من الشوائب ولا ان تروي الامة من ظمئها عندما يشتد بها العطش . فمنذ البداية نذر البعث نفسه لعمل تاريخي كبير , فلم يقبل باهداف محدودة او دور محدود , لان الله تعالى اراد للامة دورا تاريخيا مميزا في نشر رسالة الاسلام , وبناء حضارة عريقة امدت البشرية بمعين الرقي والثقافة .
ولما كانت الحياة في احد اسرارها انها حركة دائمة لا تعرف التوقف باذن الله , فان من واجب الحركة الحية ان تضطلع بدور تاريخي , اكثر حيوية وحركة , فلا ترضى بالجمود والتوقف , لانها حركة ترفض ان تكون خارج الحياة وخارج حركة التاريخ .
وسادس تلك الاسباب تكمن في قراءة فكر البعث واستجلاء محطات نضاله الطويل يكشفان عن اقوى سر بقاء حيويته وديمومته هو امتلاكه منذ نشأته قوة الروح وقوة الايمان وقوة التصميم , فبقاء البعث طيلة سبعة عقود مضت وحفاظه على حيويته هو نتيجة الايمان والروح والمعاناة التي عاناها البعثيون في مسيرتهم الجهادية , فقد سقط الوف من الشباب والنساء شهداء على درب النضال , اضافة الى معاناتهم من السلطات الرسمية القمعية , سواء بالاعتقال والسجن او الحرمان من الوظائف او المطاردة داخل الوطن وخاصة في العراق إذ أوغلت السلطات التابعة لولاية الفقيه في دماء البعثيين.
وبالايمان تمكن البعثيون من مواجهة التحديات الانف ذكرها , وظل رائدهم الامل والتفاؤل .وقد جسد البعثيون في العراق بعد عام 2003 اروع مسيرة نضالية عرفها التاريخ الحديث ونضالات الشعوب المناضلة , إذ فقد البعث اكثر من170 الف شهيد خلال السنوات الماضية , والوف المعتقلين وأضعافهم مهجرون في دول الجوار العربي ودول العالم . ورغم كل أساليب القمع التي مارسها نظام الحكم التابع لملالي ايران والادارة الامريكية , إلا أن البعثيين تمسكوا بالمبادئ النضالية وتمكنوا من إجبار القوات الامريكية على الانسحاب من العراق 2011 . وما زال البعثيون يحملون راية الجهاد ضد المحتلين الفرس الصفويين . ويقفون سدا بوجه التيار الطائفي الذي ينفذه اعوان ملالي ايران في العراق .
الايمان ليست مقولة للمذاكرة , بل هو احد اشتراطات ديمومة البعث وبقاء حيويته . ولا يمكن الاستغناء عن الايمان لانه هو الشرط الرئيس للنجاح . فالذي ارتضى ان يكون عضوا في حزب البعث وينال شرف الانتماء اليه لابد ان يعمر قلبه بالايمان العميق بمبادئ البعث واهدافه النبيلة , فالايمان يخلق الثقة والاندفاع ثم تتطور المعرفة بمبادئ البعث خطوة خطوة , حتى ينمو المناضل في صفوف الحزب ويكون مؤهلا لحمل رسالته الخالدة . فالذين عمر الايمان قلوبهم لم ينحرفوا ولم يتنازلوا عن مبادئهم رغم كل الظروف القاسية التي مرت عليهم . اما الذين انتموا الى الحزب ولم يعمر قلبهم بافكار البعث الاصيلة فقد انهاروا او انشقوا وساروا في درب الانحراف وانحازوا الى طوائفهم وقومياتهم واعراقهم .
البعثيون اليوم رغم كل المؤامرات والدسائس التي ينفذها ملالي ايران واعوانهم في المنطقة الخضراء , الا انهم صامدون في العراق وفي البلدان العربية . ويحتفون بذكرى استشهاد قائد البعث صدام حسين . ويتمسكون بمبادئ البعث . رغم كل الظلام الذي يسود المنطقة , ورغم التنازلات التي يقدمها البعض من الزعامات العربية لصالح المشروع الصهيوني .
البعض يرى ان زمن الاحزاب قد انتهى , وخاصة الاحزاب القومية , ولكن المنطق التاريخي يؤكد ان القومية العربية المؤمنة هي الحل والخلاص لما تعانيه الامة الان من تخندق طائفي وعرقي ضيق .